شعرت بالأسف بعد مغادرة الامير محمد بن نواف الوزارة بعد ان تم تعيينه سفيرا في روما ، وكنت اتمنى ان يبقى في الوزارة ليس فقط لأنه ساعدني ، وانصفني من الظلم الذي تعرضت له ، ولكن لان نظرته لأهمية دور الوزارة ، وان الموظفين اذا لم يشعروا بان حقوقهم مكفولة ، والعدالة بينهم مضمونه ، فلن يؤدوا اعمالهم كما يجب ، ووجود اجنحة او عناصر متنافسة في أي جهاز يجعل هذا الجهاز ينشغل بما لا يخدم المصلحة العامة ، ووجود شخص قوي كالأمير محمد بن نواف بحكم كونه اميراً ، ولديه الرغبة والمقدرة على العمل وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب يفيد الوزارة بكاملها ، أما السفارة ، على اهميتها فان دورها يظل محدوداً اذا ما قورن بدور الوزارة ، وقد تنفس بعض المتنفذين في الوزارة الصعداء او هكذا شعرت ، بعد ان تعين الامير سفيراً في ايطاليا ثم الى بريطانيا فيما بعد ، أما انا فقد توقعت الاسوأ ، فقد ابلغني بعض الزملاء بالوزارة ان اسمي قد تردد للنقل الى موسكو كشخص ثاني ، وقد يكون الى****غينيا كقائم بالأعمال ، وكنت ادرك ان الذين يرغبون اسطنبول كثر ولا اظن ان السيد مأمون الكردي حريص على بقائي في مكان مثل اسطنبول مدة اطول مما يجب خصوصا اذا كان احد المحسوبين عليه يرغبها ، ومع ذلك فقد بقيت مدة اكثر من خمس سنوات ، مما يعني ان النقل سيكون الى الوزارة ، فكما جرت العادة ان الموظف يبقى في الخارج بين خمس وست سنوات ، يمكن ان يقضيها في بلد واحد او بلدين ، ثم يعود الى ديوان الوزارة ، ولكن في بعض الاحيان الاستثناء يكون اكثر من القاعدة ، وانت وحظك وحسب قوة واسطتك ، أما انا فللأسف لم استطع الحصول على واسطة قوية يمكن ان تفيدني في هذا المجال ، ولكن الامير محمد بن نواف عندما اطلع على وضعي واني اعاقب بدون ذنب اقترفته ، وانما بسبب اختلاف الامزجة وحب السيطرة وطلب الاستسلام من قبل بعض المسئولين في الوزارة جعل هذا البعض يعتبر الولاء له من اهم**المؤهلات التي يجب على الموظف التحلي بها . *
بعد صدور قرار النقل من اسطنبول الى مقر الوزارة في الرياض اتضح ان الاشاعات التي تداولها البعض لم تكن اكثر من اشاعات ليس لها نصيب من الحقيقة ، وبالتالي كنت افكر في الادارة التي سوف انضم اليها في الوزارة ، وخشيت ان يطلب مني مباشرة العمل في الارشيف العام كما حصل عند عودتي من السفارة في بنغلادش عندما قيل لي ليس امامك الا ادارة الارشيف ، بعد ان اعتذرت عن العمل في الشعبة القنصلية ، وكان يرأس الارشيف السفير جميل قنديل ( عم جميل ) وقد عتب علي بسبب رفضي العمل في الارشيف ، وقد حاولت اقناعه باني لم ارفض الا لأن الارشيف ليس المكان الذي يتناسب مع مؤهلاتي وخبرتي ولو انه كان مسئولا في احدى الادارات السياسية او الاقتصادية لسرني**العمل معه ، ولم يقتنع ، ولكنه اقنعني بقبول العمل في الارشيف وانه سيبدأ بالتمتع بإجازة طويلة ( ثلاثة اشهر ) ويريد من يمسك العمل اثناء وجوده في الإجازة ، كما ان احد اسباب قبولي بالعمل في الارشيف الملل الذي شعرت به لبقائي حوالي ثلاثة اشهر بدون عمل ، أما هذه المرة فكنت افكر ( بيني وبين نفسي ) حول الادارة التي سيوجهني اليها مأمون الكردي ، وقد اصبح الآمر الناهي في الوزارة ، وحتى اتجنب الجدل معه قررت تقديم طلب بتوجيهي للعمل بفرع الوزارة بجدة خصوصا بعد مقابلة مدير ادارة المراسم بفرع جدة السفير مشتاق معروف وابدى ترحيبا بي للعمل معه في ادارة المراسم ( تزاملنا في نفس الادارة قبل اكثر من ثلاثة عقود ) وقد قيل لي انه قد اعلن بانه سيطلب مني تولي ادارة التعاون الفني وهذه الادارة تأسست ايام حكم الملك فيصل وكانت عند تأسيسها تابعة لمجلس الوزراء ، ثم نقلت الى وزارة الخارجية في عهد الملك فهد ومهمتها الرئيسية التنسيق بين منظمة الامم المتحدة والوكالات التابعة لها وبين الوزارات والمصالح الحكومية في المملكة ، ولكن كما قلت سابقا لم يكن لدي الرغبة للعمل معه او تحت ادارته ولذلك اعددت طلب النقل الى فرع الوزارة بجدة وعند وصولي الى مبنى الوزارة في الرياض سلمت الطلب لمكتبه حيث كان هو في لندن يتلقى العلاج ويدير امور الوزارة من هناك ، وعلمت انه قام بإحالة طلبي لوكيل الوزارة للشئون السياسية عبد الرحمن منصوري ، والذي لم اتوقع منه خيرا ، وقد اشار علي مدير شئون الموظفين بالذهاب الى جدة حتى يبت في طلبي العمل في فرع الوزارة بجدة .*