يعد عالم الاستشارات وفتح مكاتب استشارية وأيضاً تقديم الاستشارات لطالبيها من القضايا المهمة التي ظهرت ولا زالت تتزايد في الساحة ، ونظراً لأهمية القضية فقد تم تناولها من قبل أعضاء " مجتمع مبادر " التطوعي تحت إشراف الدكتور خالد بن عبد القادر الحارثي أستاذ الإدارة والتدريب ، حيث تم نقاش الموضوع من عدد من المنتمين والمهتمين بعالم الاستشارات والمختصين وهم هيفاء محجوب نائبة المشرف وأحد المهتمين ، سعدية القعيطي أخصائية نفسية ، يحيى الزباني محاضر في الكلية التقنية بجدة وأحد المهتمين أيضا شارك في الحوار الإعلامية والمختصة في علم الاجتماع مباركة الزبيدي، وفاطمة إدريس وأيضاً مسئولة العنف الأسري بالشؤون الاجتماعية نسرين أبو طه وخبير التدريب والإدارة الدكتور زياد أبو زنادة.
في البداية تحدثت المستشاره هيفاء محجوب وقالت نعيش الآن عصر القلق، والتغيرات السريعة والمشكلات الحديثة، وبتنا في حالة صعبة، نحتاج فيها إلى من يأخذ بأيدينا ويساعدنا في حل مشكلاتنا وأزماتنا، ونلجأ في كل ذلك إلى الاستشاريين المتخصصين في هذه الأمور، وتفاوتت الانطباعات عن خدماتهم بالسلب والإيجاب.
** "برأيكم كيف نرقى بهذه المهنة ، وما المأمول لها ؟" **
قالت فاطمة إدريس أنه سؤال رائع ومهم لأني ألمس الآن حاجة الناس إلى الاستشارات أصبحت كبيرة، وتابعت كأني فهمت السؤال كالآتي "ما الآليات التي يجب أن يكون عليها المستشار" هذا القصد.
وقالت هيفاء محبوب نعم استاذة فاطمة .. لنبدأ بنقاش السلبيات والإيجابيات وبالتالي نضع الحلول المناسبة لتفادي السلبيات، وفي البداية نود معرفة نواحي القصور وطرق معالجتها، وما هي طرق العلاج التي يقدمها المستشار وسبل تطويرها؟.
وأضافت أنه لا بد أن نناقش نقطة مهمة جدا في هذا الموضوع، ألا وهي وجود فجوة عميقة نوعا ما بين المستشارين والأطبة النفسيين تحول بين الالتقاء بفكرهم ودمج معلوماتهم لصالح المستفيد، فكيف لنا من ردم الهوة بينهما ؟ وما سبل مد جسور الألفة والتقارب مع الأطباء النفسيين للحصول على الفائدة القصوى؟
وقالت سعدية القعيطي نناقش كل ما هو حاصل الآن في مجال الاستشارات هل الدورات وحدها تؤهل ليكون مستشارا ؟ وكيف ستكون النظرة له إن لم يطبق ما يقوله في تعامله مع المستفيدين؟ ومسألة المبالغة في الأسعار ؟ وهل يجب عليه الدفع حتى إن لم يستفيد ؟ وهل دوما الاستشارة تحتاج للتخصص؟ وكيف نشفع لمن يعتقد أنه يعلم كل شيء، ولا يقبل بأن يعترف بقصوره، ناهيك عمن يتحدث مع الكل عن الحالات التي مرت عليه وقد يلمح من هم وقد يعرف المستفيد المحيطين به، فأين هي أخلاق المهنة ؟
وتابعت كيف للمُستشير أن يعي ما حاجته، ومن يستحق أن يذهب إليه ؟! فهو متخبط في مشاكله يبحث عمن يساعده، وقد يذهب لبعض المراكز المعروفه ويفاجأ بما يحدث له، ونعي تماما أن السلبيات التي نناقشها لا تعني أنها نهج جميع المستشارين بل البعض.
وأضافت انه بالنسبة للفجوة بين المستشار والطبيب النفسي، فإنها تعتقد أن سببها ما يراه الطبيب النفسي، من تجاوزات المستشير وفيما لا يفهمه وهو غير متمكن منه ذلك يجعلهم لا يعترفون بالمستشار، وكذلك بالطرق العلاجية المختلفة من البرمجة اللغوية والتنويم الإيحائي والتي لا يعترف بوجودها الأطباء ويعتبرونها ضربً من الجنون.
الاستشارات لا تعني حفظ النظريات ومحاولة تطبيقها، الاستشارة أمانة كبيرة، فقد تُسهم في مساعدة إنسان أو قد تتسبب في ضياعه.
من جهتها قال مسئولة العنف الأسري بالشؤون الاجتماعية نسرين أبو طه للأسف هناك بعض الاستشاريين للأسف شخصيات مهتزة لا تحترم الذات وبالتالي لا تحترم الاخرين، كما ان فاقد الشيء لا يعطيه.
وقالت فاطمة إدريس يجب أن نعي أننا مهما وصلنا إلى درجة من العلم أن هناك من هو أعلم
وأننا كنا لا نعلم وبفضل الله تعلمنا، وأن نتعامل مع المستشير بتواضع وأننا بحاجته كما هو بحاجتنا، ويجب أن نستشعر فعلا معاناة المستشير ونعيشها ونساعده في الوصول لحلول، وأن نخلص في كل مانقول ونتعبد الله بإدخال الفرحة للآخرين، وأن نكون صادقين فيما نقول وفي كل شيء، وأننا من فترة لأخرى نحتاج إلى دروس ودورات من عمالقة التدريب.
وتابعت يجب أن يعي المستشار والمستشير والطبيب النفسي والمدرب والمربي والمعلم وكل إنسان يجب أنه مسئول وأن نكون خلية وحدة وجزء لا يتجزأ في رغبتنا في التطوير والتحسين والإصلاح ونهضة الأمة ونكون كالعقد المنسق، وأن تكون هناك لجنة عليا تنسق بين كل الأطراف المعنية وبدقة، وأن تكون وزارة تعمل على الاهتمام بتنسيق المواعيد والرسوم وكل الاحتياجات، ولا نريد إلغاء المراكز أو العيادات النفسية ولكن نريد أن تكون تحت سقف واحد له إدارة وأقسام، وأن تكون أرقام مجانية للاستشارات والفضفضة.
أما يحيى الزباني فقال هناك أشياء ارى لو طبقت بهدف المبادرات الخيرية او العمل التطوعي وذلك بأن * يكون هناك عيادة خيرية ويكون خط مباشر يخدم المجتمع استشارات مجانية في جميع المجالات المختلفة التي يحتاجها المجتمع وتكون مدعومة من رجال الأعمال حتى يكون للمستشارين عائد مادي، ويفترض هناك ساعات تطوعيه كما هو معمول بها في الخارج وخاصة التخصصات الطبية والنفسية والأسرية للأطباء والاستشاريين والمهندسين والمحامين وأصحاب التخصصات المطلوبة لخدمة المجتمع، وما هو الحل إذا كانت ساعة الاستشاري لا تقل عن 500 ريال، وهناك من ساعتهم بـ 1000 ريال، والمشكلة أن فتح الملف فقط بـ 500 ريال، وكيف نقضي على مدة انتظار المواعيد لدى بعض المستشارين ؟
وأشار الزباني إلى أن البعض يحبون خدمة أسرهم ومجتمعهم باستشارات في محيطهم مدعمة بالكثير من التجارب وتضع منهجها كتاب الله وسنة رسوله ونهج السلف الصالح وأنا منهم في هذا التوجه، وهناك مجال فسيح لخدمة المجتمع عبر وسائل التواصل المختلفة ما لم تكن مُخلة أو موضع فتنة ، حيث نجد تلهف الشباب للرجوع وتطهير الذات. وفي حاجة ماسة لمن يوجههم ويقدم لهم النصح والمشورة.
وأضاف الزباني أن من اهم الشروط التي يجب على المستشار الالتزام بها الصدق، الأمانة، الاخلاص، مساعده من هم بحاجه، خدمة المجتمع، وأن لا يجعل المال هدف وإنما وسيلة.
وأكد على أهمية تدخل الجهات المسؤولة ومحاسبة المسيئين للمهنة، مع المتابعة المستمرة ووضع ارقام الشئون الاجتماعية واضحة داخل عيادة كل مستشار في حالة الشكوى والملاحظات.
كما رأت هيفاء محبوب أنه ليس بالضرورة أن يكون بذاك التخصص الدقيق للاستشارات الأسرية، فقد تشفع له الخبرة وكثرة التجارب ، ومدة ممارسته للمهنة ، على أن يتحلى بالأمانة، ويتحمل حس المسئولية، ويكفح شبح التعطش لسلب المستفيد دون فائدة، فبمجرد نفاذ السبل لديه ، يكن معه صريحا ويحوله لآخر ليخرجه مما هو فيه.
وقالت مباركة الزبيدي بخصوص الموضوع المطروح هذا حوار لي مع الدكتورة سعاد البشر وكان من ضمن الحوار وكان من ضمن الأسئلة المطروحة في نص الحوار ما رأيك بمن ينصب نفسه مستشاراً نفسياً لحل مشكلات الآخرين لكونه حصل على دورة قصيرة أو دبلوم معين في هذا المجال، كما نشاهد في عالم الشبكة العنكبوتية؟ وهل كل تربوي أو اختصاصي نفسي أو اجتماعي مؤهل لحل المشكلات؟
فكان ردها التالي : " بصراحة هذه المشكلة حديث الساحة الآن، خصوصاً في منطقة الخليج العربي، وتحديداً بعد عام 90 بعد أزمة غزو الكويت، والكويت كانت هي السباقة لفتح مجال العلاج النفسي والاستشارات لما تعرض له أبناء المنطقة في تلك الفترة من الصدمات النفسية والإحباطات والاكتئاب والقلق العارم والكثير من الأمراض الناتجة عن الغزو، لكن في السابق لم يكن لدينا ما يُعرف باستشارات نفسية، وما كان معروفاً لدينا هو الطب النفسي الذي يلجأ فيه الأطباء للأدوية، ولم يكن يوجد عيادات، فمعظمها كان في مستشفى الطب النفسي، سواءً كان في الكويت أو في المملكة أو في أي من دول الخليج، والإقبال يكون من الحالات التي وصلت لدرجة الأمراض العقلية، بمعنى قليل من كان لديه مشكلات نفسية وليست عقلية يذهب للطب النفسي، لكن بعد الانفتاح الفكري والشبكة العنكبوتية ووجود اختصاصيين درسوا هذا المجال أصبح لدينا على الساحة بالفعل اختصاصيون في الإرشاد والعلاج النفسي ويدرسون هذا العلم، وتخصصهم في الماجستير والدكتوراه، إما في علم الأمراض النفسية، أو الاكلنكي، أو علم الإرشاد النفسي، أي هم متخصصون، لكن هناك كثيراً من فروع علم النفس ك «علم النفس التنظيمي، البيئي، الصناعي... الخ» ...
* هل يعقل أن يقدم هؤلاء استشارات نفسية بصفة عامة؟!
لكن الذي حدث أنه عندما بدأ التفكير بالربح السريع، عندما رأى أناس لأنها أصبحت بمقابل أصبح كل واحد بوده أن ينصب نفسه مستشاراً نفسياً، فهذه الأمور للأسف مستجدة على الساحة، الناس الآن أصبح لديهم انفتاح أكثر من السابق، وقد لا حظت ذلك على سبيل المثال من خلال مركز ثوابت للاستشارات حيث وصل عدد الحالات إلى 900 حال والمركز لم يمض عليه سنتان، وهو من ضمن العديد من المراكز التي يقوم عليها مختصون في الكويت، ومنها ما أسميها مراكز تجارية، أصحابها أخذوا دورات تدريبية في البرمجة العصبية أو في السمات الشخصية ونصب نفسه مستشاراً، هؤلاء يستطيعون أن يقدموا دورات تدريبية لمجموعة من الناس، لكن أساساً الأخلاقيات المهنية ليست موجودة عندك، هذا فتح باباً لمشكلات أخرى أصبحت موجودة، لأن الأخلاقيات المهنية تحتم علينا أن نكون محايدين للدرجة الأولى مع العميل، وكذلك تحتم علينا الا يكون من أهلنا، لكن مثل هؤلاء الإخوة الذين أخذوا دورات أو دبلوم ويقدمون الاستشارة دائماً يقعون في هذه الأخطاء، وهم غير ملمين بجميع الأمراض النفسية، فنجدهم درسوا مرضاً أو مرضين أو ألموا بأعراض القلق والاكتئاب، وهما أكثر الأمراض انتشاراً، وقال أنا معالج، يجلس مرة وفي الجالسة الثانية يتورط لا يستطيع أن يكمل مع العميل العلاج وأصلاً لا يعرف ما النهاية، أو الأسس التي نبني عليها، فأتمنى أن يعرف كل واحد حقيقة نفسه. " وانتهى حديثها هنا ؛
وأنا أرى أن كثير من المستشارين والأكاديميين من المختصين كما ذكر الأخوة لديهم القدرة على خدمة مجتمعهم من خلال التطوع بتقديم الاستشارات وإني أستغرب أن بعض المستشارين ينصحون بمجال التطوع، وعندما تدار الكفة لهم يتهربون !!
لكن ومنعاً لاستغلال حاجة المستشير من المحسوبين على مقدمي الاستشارات ﻻبد أن يكون المستفيد على وعي بمن يستشير وما هي حاجته، وأقصد هنا اقصد المستشير الذي ﻻ يعاني من مرض وإنما يبحث عن حل لمشكلته هنا عليه أن يبحث في استشارات من سبقوه وﻻ يعرض نفسه للاستغلال كما أنه عند عرض الاستشارة عليه بثمن وشروط بيده القبول او الرفض وينطبق هذا على دور أسرته إن كان مريضا.
والشؤون الاجتماعية من شروطهم لفتح مركز استشارات أن يكون صاحب المركز يحمل تخصص في علم الاجتماع أو النفس أو الخدمة الاجتماعية أو التوجيه والإرشاد أو الطب النفسي أو في مجال يرتبط بالأسرة كالدراسات الإسلامية والعاملين يكون لهم خبرة في تقديم الاستشارات بما ﻻ يقل عن 5 سنوات لكن نجد تخصصات أخرى كاللغة العربية قد تخصصوا تخصصات ربما هي من تخصصات الطب النفسي وهنا حدث التجاوز.
وقال الدكتور زياد أبو زنادة انا ارى اهمية التفريق بين مستشاري التدريب والمستشارين النفسيين، فالمستشار النفسي بدايته مؤهل علمي متخصص ثم خبرات عملية ودورات تصقل الفكر وتثري المحتوى، وشخصيا ارى ان تلك هي البداية فهو يتعامل مع افراد لديهم مشاكل ان لم يتم حلها ، تتفاقم وربما يحدث ضرر غير محمود.
وأضاف أن هناك من يستغل الأمر ماديا ، وهناك من يفتقرون لأبسط اخلاقيات المهنة، وقبل سنوات صرحت لإحدى الصحف بان التدريب اصبح مهنة من لا مهنة له، قامت الدنيا علي وما قعدت، واليوم اصادق على قول من قال الاستشارات النفسية اصبحت بلا ضوابط، ولأنه ليس من السهل افتتاح مكاتب استشارات نفسية متخصصة، لجأ المستشارين الى هذه المكاتب التي استغل بعضها الأمر ماديا كذلك، وعليه اصبح المكتب يستغل المستشار وكذلك المستشار يستغل المستشير، ان كان المستشار يحاسب المستشير بالساعة التي تتراوح اسعارها ما بين ٥٠٠ الى الف ريال ، تذهب نسبة طيبة منها للمكتب حسب سمعة وتصنيف المكتب، وتظل الحقيقة حاجتنا الى كفاءات وطنية متخصصة وتحترم اخلاقيات المهنة وما عداهم سوف تدريجيا يخرج من الساحة باختياره او باكتشافه وابتعاد الناس عنه، ولقد شاهدنا هذا الأمر يتحقق في بيئة التدريب خلال الكم سنة الأخيرة.